2022
5/17

لماذا يُعد النظام البيئي للابتكار أمرًا بالغ الأهمية للشركات والشركات الناشئة

بواسطه: عبد الرحمن المواوي



img

مُقدمة: ما هو النظام البيئي للابتكار؟ 


يُشير النظام البيئي (الايكولوجي) للابتكار إلى شبكة غير متصلة من الشركات والكيانات الأخرى ولكنها تتشارك في صقل وتطوير قدرات القوى العاملة على مجموعة مُشتركة من التكنولوجيات أو المعارف أو المهارات، وتعمل بشكل تعاوني وتنافسي لتطوير منتجات وتقديم خدمات جديدة (مور 1993).

النُظم البيئية للابتكار هي شبكات تضم أشخاص ومؤسسات تُساعد في تطوير وتسويق منتجات وخدمات جديدة من نوعها. وتشجع على التعاون بين مختلف الجهات المساهمة من أجل تحسين فرص نجاحها. وفي الوقت الذي يمكننا فيه العثور على بيئات مواتية للابتكار في مختلف الصناعات، إلا أنها شديدة الأهمية في قطاعات بعينها مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وصناعة الأدوية، حيث دائمًا ما تكون المنتجات والخدمات الجديدة مطلوبة لبقاء تلك القطاعات في المنافسة.

تعرف أكثر على بيئة الأعمال في مصر!

ويعرف النظام الإيكولوجي (بيئة) للابتكار أيضًا بأنه شبكة من المؤسسات والأفراد الذين يعملون على توليد وتطوير أفكار مستحدثة. ويضم الشركات التي تعكف على تطوير منتجات أو خدمات، والجامعات التي تقوم بتدريس الابتكار، والهيئات الحكومية التي تعزز الابتكار، والمنظمات غير الربحية التي تدعم ريادة الأعمال. ويهدف النظام الإيكولوجي للابتكار إلى مساعدة الشركات والجامعات على تطوير منتجات وخدمات جديدة بشكل أسرع وأكثر كفاءة.

احجز مساحة عمل مشتركة من خلال مركز TIEC الآن! [تسجيل الدخول مطلوب]

وتشير البيئة المواتية للابتكار وريادة الأعمال إلى جميع الجهات الفاعلة المختلفة الضرورية لازدهار الشركات الناشئة في ظل الاقتصاد الجديد/الحديث. ولا تشمل تلك الجهات البحث والتطوير فحسب، بل تضم أيضًا التسويق والمبيعات وعمليات التشغيل. ولكي تحقق الشركات نجاحًا، يجب عليها العمل عن كثب مع شركائهم في هذا النظام البيئي، وكذلك العثور على شركاء جدد.

مصر لديها نظامًا بيئيًا تكنولوجيًا سريع النمو للأعمال والشركات الناشئة قادر على دعمها ونموها.


لماذا تعتبر النظم الإيكولوجية للابتكار ضرورية؟

لا يقتصر دعم وتعزيز النظم البيئية للابتكار التكنولوجي في المدن على زيادة عدد الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا فحسب، بل يسهم أيضًا بشكل بارز في زيادة فرص العمل الجديدة والانتعاش الاقتصادي. ويتم ذلك من خلال تأسيس أعمال / مشاريع وإنشاء فئات جديدة من الوظائف. [المصدر: ورقة مناقشة من البنك الدولي]

تكمن أهمية النظم الإيكولوجية للابتكار في كونها تسمح بتبادل الأفكار والتعاون بين مختلف الأفراد والمنظمات والمؤسسات. الأمر الذي يؤدي إلى تطوير منتجات أو خدمات أو عمليات جديدة. وتتألف بيئة الابتكار عادةً من ثلاثة مكونات رئيسية: (أ) الأفراد أو المنظمات التي تولد أفكارًا جديدة، و(ب) المنظمات التي تطور تلك الأفكار وتسوقها تجاريًا، و(ج) المنظمات التي تقدم خدمات الدعم لكلا المجموعتين.

 

عادةً ما يُطلق على الفرد أو المنظمة التي تولد فكرة جديدة اسم المخترع. وقد يكون المخترعون أفرادًا أو فرقًا، ويمكن أن يأتوا من أي قطاع أو صناعة. ويطلق على المنظمة / المؤسسة التي تقوم بتطوير وتسويق فكرة جديدة أصحاب رأسمال مغامر (VC) وهي عبارة عن شركات ذات أسهم خاصة أو بنوك استثمار تُمول الشركات الناشئة مقابل نسبة مئوية من الملكية في الشركة.

مكونات النظام الإيكولوجي للابتكار 

 

ما هي المكونات الضرورية لنظام إيكولوجي مزدهر مواتي للابتكار؟ 


تحتوي النظم الإيكولوجية للابتكار على قُوى وروابط اقتصادية، إلى جانب مُكونات غير اقتصادية مثل التعاملات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية والمؤسسية؛ وهي مكونات تعزز توليد الأفكار والابتكار وتعمل على نشر مثل هذه الطرق الابتكارية. ونظام الابتكار هو مفتاح لاقتصاد مزدهر. وتشتمل مُكونات النظام البيئي للابتكار ما يلي:


1. بنية تحتية قوية للبحث مع وجود جامعات ومعاهد بحثية رائدة.



لبناء بيئة مُزدهرة للابتكار والابداع، تحتاج إلى نظام جامعي قوي. وهو نظام يجب أن يكون قادرًا على إجراء البحوث وتقديم نظام بيئي إبداعي. ويجب أن تتعاون الجامعات أيضًا مع الشركات المحلية والحكومة لمساعدة النظام البيئي على النمو. وجرت مؤخرًا نقاشات عديدة حول أهمية وجود نظام جامعي قوي لمدينة ما لتحقيق نجاح رواد الأعمال لديها.

تتيح هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA)، وهي إحدى هيئات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية، إمكانات البحث في الجامعات المحلية والمعاهد العليا الفنية من خلال المشروعات المشتركة الممولة (CFPs). تعرف هنا على قائمة بالمشروعات المشتركة الممولة CFPs، وهو إحدى برامج مبادرة التعاون بين الشركات والجهات البحثية ITAC والذي يُمول 3 فئات من مشروعات CFP: مشروع تطوير منتج (PDP) ومشروع بحث متقدم (ARP) ومشروع بحث مبدئي (PRP).

وأسست وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (MCIT) في مصر جامعة غير هادفة للربح متخصصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات تسمى جامعة مصر للمعلوماتية [EUI] والتي تقع بمدينة المعرفة في العاصمة الإدارية الجديدة.

2. مجتمع قوي من مُقدمي رأس المال الاستثماري لتمويل الشركات الناشئة في مراحل عملها المبكرة. 


يُعتبر وجود مجتمع قوي من رؤوس المال الاستثماري جزءًا لا يتجزأ من نظام / بيئة ابتكار مزدهرة. ويوفر هذا المجتمع التمويل اللازم للشركات في مرحلة مبكرة من حياة الشركة (الناشئة) لبدء أعمالها. ويبحث أصحاب رؤوس المال المغامر VCs الذين يُشكلون هذا المجتمع دائمًا عن الخطوة الكبيرة القادمة، وهم على استعداد لتحمل المخاطر لدعم ابتكارات الشركات الناشئة.

مصر لديها وفرة من رأس المال المخاطر VC، حيث احتلت مصر مؤخرًا المرتبة الأولى في عدد الصفقات المبرمة في إفريقيا عام 2021، وجائت في المرتبة الثالثة من حيث إجمالي التمويل، في الوقت الذي جذبت الشركات الناشئة المحلية 18٪ من إجمالي رأس المال الذي تم ضخه عبر القارة. ويرجع ذلك، بشكل جزئي، إلى وجود العديد من جامعات رفيعة المستوى بمصر، مما أدى إلى ظهور رواد أعمال موهوبين. بالإضافة إلى ذلك، مصر لديها قطاع تكنولوجي مستقر، يجعلها وجهة جذابة لأصحاب رؤوس الأموال المخاطر لاستثمارها.

مُجتمع رأس المال المخاطر يُساعد على دفع عجلة الابتكار وخلق فرص عمل جديدة كما أنه يساعد في إرشاد ودعم الشركات الناشئة عند انطلاقها. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يلعب أصحاب رأس المال المخاطر دورًا فعالاً في طرح التقنيات والمنتجات الجديدة في السوق.

حمل تقرير MAGNiTT المجاني من هنا وتعرف على المزيد حول رأس المال المخاطر المستثمرة في مصر

3. قوى عاملة ماهرة مُتخصصة في الهندسة والعلوم لتطوير ابتكارات تكنولوجية.  



تستطيع الدولة الحفاظ على مكانتها في مجال الابتكار من خلال قُوى عاملة ماهرة تتمتع بخبرات الهندسة والعلوم لتبقى قادرة على تقديم تقنيات جديدة من نوعها. وتعتبر التكنولوجيا والتقنية الحديثة أمرًا أساسيًا لاستدامة النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة. ويعد النظام الإيكولوجي (بيئة) القوي للابتكار ضروريًا لتشجيع الابتكار وتطوير تقنيات جديدة.

وتعتبر مصر دولة رائدة في مجال الابتكار ولديها وفرة من المواهب الشابة تُجيد لغات مُتعددة وتمثل تجمع المواهب الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وثاني أكبر تجمع للمهارات في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. ويمكنكم التعرف أكثر على حقل المواهب والكفاءات في مصر وتنوعها الثقافي وقدرتها التنافسية على الصعيد العالمي.

وتتسابق الدول على صدارة مجال الابتكار وريادة الأعمال وتستثمر مبالغ ضخمة في تقديم قوى عاملة ماهرة وتوفير بيئة مواتية ومشجعة على الابتكار. ويُساعد تعزيز وتمكين التعليم وتقديم برامج تدريبية للعاملين على اكتساب مهارات يحتاجونها لتطوير تقنيات وتطبيقات جديدة. كما أن هناك حاجة كبيرة للاستثمار في البنية التحتية للبحث والتطوير.

4. ثقافة المخاطرة وريادة الأعمال التي تشجع الابتكار والإبداع. 


تتمتع مصر بثقافة المخاطرة وريادة الأعمال التي تشجع الابتكار والإبداع ويؤكد على ذلك عدد صفقات التمويل التي سجلت رقمًا قياسيًا في مصر عام 2021. وفقًا لتقرير "ماجنيت" المتخصص في بيانات تمويل المشروعات الناشئة عن مصر لعام 2021، استمرت تدفقات رأس المال المخاطر في مصر للعام الرابع على التوالي، بعد أن نما بمعدل نمو سنوي بلغ 117٪ بين عامي 2017 و2021. وشهد عدد صفقات رأس المال المخاطر زيادة بنسبة 26٪ على أساس سنوي منذ عام 2020 لتصل إلى رقم قياسي بلغ 147 صفقة تمويل في عام 2021. واحتلت مصر المرتبة الأولى من حيث الصفقات المبرمة عبر إفريقيا والثانية عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

تنتشر مراكز الابداع الرقمية الآن أكثر من أي وقت مضى في مصر. وتوفر مراكز ابداعCREATIVA  داخل الجامعات المصرية، التي يدعمها مركز الابداع التكنولوجي وريادة الأعمال TIEC بهيئة ITIDA، إمكانات غير محدودة للطلاب والشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال والشركات الناشئة ليكونوا جهات فاعلة في تحقيق التحول الرقمي بجميع قطاعات الصناعة.

 

5. الاتصالات بالأسواق العالمية التي تسمح للشركات بتسويق ابتكاراتها في الخارج. 


لكي تقوم الشركات بتسويق ابتكاراتها في خارج حدود الدولة، يجب أن يكون لديها نظام إيكولوجي قوي للابتكار وأن تكون جزءًا من بيئة مواتية لريادة الأعمال. وهذا يعني أنه يجب أن تكون هناك مجموعة متنوعة من الموارد المتاحة لرواد الأعمال، بما في ذلك الوصول إلى التمويل والإرشاد وفرص التواصل.

كانت مصر وجهة جذابة للمستثمرين الأجانب لسنوات عديدة. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الاستثمار الكبير للدولة في إنشاء نظام إيكولوجي قوي للابتكار. ويوجد عدد من مسرعات الأعمال وحاضنات الشركات الناشئة في المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية، وتوفر هذه المؤسسات موارد قيمة لرواد الأعمال.

احصل على مزيد من المعلومات حول برنامج الحاضنات التكنولوجية التابع لمركز الابداع التكنولوجي وريادة الأعمال TIEC

 

6. السياسات الحكومية الداعمة. 



تلعب السياسات التي تضعها الحكومة دورًا محوريًا في تأسيس ونمو نظام بيئي لريادة الأعمال؛ وهو من الناحية النظرية تصور لبيئة فيها مجموعات من العناصر الأساسية التي تعمل على تعزيز نمو الاقتصاد عبر الابتكار والمشاريع الناشئة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ويعلن فيها أحد العناصر الإطار التشريعي الذي يُمكن هذا النشاط الريادي.

وتتضمن بعض السياسات الرئيسية التي يُمكن أن تساعد في ذلك توفير الإعفاءات الضريبية أو غيرها من الحوافز للشركات الناشئة والشركات الصغيرة، وتبسيط العملية التنظيمية، والاستثمار في البرامج التعليمية والتدريبية التي تدعم الابتكار وريادة الأعمال.
وتحتاج الحكومات أيضًا إلى خلق بيئة مواتية للمخاطرة، وهو أمر ضروري للابتكار. ويمكن القيام بذلك من خلال وضع قوانين ولوائح واضحة ويمكن التنبؤ بها، وتشجيع التعاون بين الشركات ورواد الأعمال، وتعزيز ثقافة الإبداع والمجازفة.

اقرأ أيضًا: بمبادرة من الهيئة .. إجراءات جديدة لتحسين مناخ الاستثمار في قطاع الشركات الناشئة في مصر

تسعى الحكومة المصرية دائمًا إلى كسر الحواجز التي تواجه الشركات الناشئة ورواد الأعمال. وتهدف الحكومة المصرية أيضًا إلى خفض حجم الإنفاق وتقديم التسهيلات لهذه الشركات.

وفي هذا السياق، أصدر الرئيس السيسي مؤخرًا توجيهات عديدة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية بضرورة الارتقاء ببيئة العمل والاستثمار في الشركات الناشئة من خلال (1) عدم تدخل الدولة في عملية تقييم الشركة الناشئة للطرفين (الشركة والمستثمر) إلا للتأكد من تطبيق منهجية مُعترف بها باستخدام تقييمات رأس المال المخاطر، و(2) اعتماد أدوات تحويل مبالغ التمويل لأسهم السندات القابلة للتحويل convertible notes، و(3) اعتماد نموذج موحد للنظام الأساسي، و(3) اعفاء عمليات نقل الأسهم للشركات المتعلقة بإعادة التقييم وخلافه من ايداع ثمن الشراء في البنوك، و(4) تنفيذ عمليات نقل الأسهم وفقا لاتفاق المساهمين، و(5) إمكانية الاستعانة بشركة مصر المقاصة كوكيل حسابات الإيداع المعلَّق escrow agent  في عمليات نقل الأسهم لضمان تنفيذها.


في الختام، يُعد النظام البيئي للابتكار هو مفتاح نجاح أي شركة أو مؤسسة. ومن خلال خلق بيئة داعمة تشجع على الإبداع والمخاطرة، يُمكن للشركات تعزيز ثقافة مبتكرة تدفعها إلى الأمام. ومن خلال فهم العناصر المختلفة للنظام البيئي وكيفية تفاعلها مع بعضها البعض، يُمكن للشركات إنشاء نظام يُفضي إلى الابتكار والنمو. وأخيرًا، من أجل تحقيق نجاحات في سوق اليوم شديدة التنافسية، من الضروري وجود نظام إيكولوجي قوي للابتكار.